في عالم الأدب العربي، برز اسم “باسم خندقجي” كأحد أهمّ الأصوات الروائية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة. ولم يمنعّ أسره مدى الحياة من قوات الاحتلال الإسرائيلي من إبداعه الأدبي المتميز، بل جعل مكان أسره منصة تنبثق منها كلمات متشبعة بالأمل والصمود، وروايات ستُخلّد في تاريخ الأدب العربي.
نشأة باسم خندجقي وقصته
ولد باسم خندقجي في مدينة نابلس عام 1983، ودرس الصحافة والإعلام في جامعة النجاح الوطنية. لكنّ مسار حياته انقلب رأسًا على عقب عام 2004، حيث قدّر له أن يقضي شبابه خلف قضبان سجن الاحتلال الصهيوني، وذلك بعدما عندما اعتقلته وهو في سن الـ 21 واتهامه بالوقوف خلف عملية سوق الكرمل التي اطاحت بعشرات الاسرائيليين.
أكمل تعليمه الجامعي من داخل الأسر وذلك بانتسابه إلى جامعة القدس، وكتب رسالته عن الدراسات الإسرائيلية في العلوم السياسية. كما كتب عدة مقالات عن القضية الفلسطينية وبعدها روايات ودواوين شعرية.
إبداعه الأدبي
كانوا ولا زالوا الفلسطينيين رمزًا للشجاعة والثبات والعزيمة والاصرار، ولم يقف الأسر عائقًا أمام بطلنا الشجاع الروائي المحب للكتابة باسم خندجقي، بل زاد ذلك من شغفه بالكتابة.
اعتاد باسم كتابة القصص القصيرة قبل أسره، وأكمل مسيرته في الكتابه بعد اعتقاله وبدأ يخطُّ كلماته في رسائل وقصاصات، وكتب فيها عدة روايات ودواوين شعرية، التي أصبحت بعد خروجها من وراء القضبان من أهمّ الأعمال الأدبية العربية.
أبرز أعمال باسم خندقجي
- مسك الكفاية: سيرة سيدة الظلال الحرة (2012)
تُعدّ هذه الرواية أولى أعمال باسم خندقجي الروائية، وتروي قصة أشهر الشخصيات النسائية في العصر العباسي “المقاء بنت عطاء بن سبأ” أو “الخيزران” وهي زوجة الخليفة المهدي وأم هارون الرشيد.
2. نرجس العزلة (2017)
تعتبر رواية نرجس العزلة رواية نقدية تنقد المجتمع والذات والأحزاب والنظريات المقدّسة والحالة الفلسطينية.
🔗نقد كلّ شيء: عن “نرجس العزلة” لباسم خندقجي
🔗مراجعة لرواية “نرجس العزلة” لباسم خندجقي
3. خسوف بدر الدين (2018)
تدور أحداث هذه الرواية حول قصة حياة الصوفي الشيخ بدر الدين محمود، ورحلة تمردة مقارعًا الفساد ووعاظ السلاطين، ومتسائلًا: ما فائدة العلم بلا كرامة؟ ومدركاً” أن النور لا يحبس في الولاء”.
4. قناع بلون السماء (2023)
رواية تحكي قصة عالم الآثار “نور” الذي يغير من هويتّه مرتديًا قانع المُحتلّ رغبة في فهم مفردات العقل الصهيونيّ لكي يتمكن من كتابة رواية تاريخية عن مريم المجدلية، يقدم فيها سردية جديدة لقصتها. ولم يكن سيحقق ذلك دون دخوله إلى المستوطنات والأراضي الفلسطينية المحتلة متنكرًا كيهودي صهيوني باسم “أور”.
والجدير بالذكر والفخر أن هذه الرواية حازت على جائزة البوكر للرواية العربية في دورتها ال17 لعام 2024، واختيرت كأفضل رواية من بين 133 رواية قصيرة ترشحت للجائزة.
ومن أهم ما يميز رواية قناع بلون السماء والسبب في وفوزها هو انها قُدمت بصيغة مختلفة لصيغة أدب السجون المعتادة. فقد ابتعدت تمامًا عن كتابة اليوميات أو عن سرد الأحداث في السجن، بل ركزت أكثر على حبكة خارج السجن، تدور حول صديقين شابين:
أحدهما “مراد” وهو معتقل فلسطيني، يحاول تقديم بحث عن الاحتلال والكولونيالية، والآخر “نور المشهدي” الذي يغيّر هويته إلى “أور” بعد أن يعثر في جيب معطف اشتراه من السوق المستعمل، على بطاقة هوية لشاب إسرائيلي اسمه “أور شابيرا” و”أور” في العبرية تعني نور. ومن هنا تبدأ الأحداث…
دواوينه الشعرية
- طقوس المرة الأولى (2010)
يُعبّر هذا الديوان عن مشاعر باسم خندقجي حول الحبّ والوطن والحياة.
- أنفاس قصيدة ليلية (2017)
تعتبر أنفاس قصيدة ليلية المجموعة الشعرية الثانية التي كتبها باسم في الأسر ويواصل من خلالها التعبير عن مشاعره وتجربته في السجن.
ختامًا، يعد الكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي رمزًا للنضال الفلسطيني. فمن خلف القضبان، أطلق خندقجي صرخة مدوية تُعبّر عن صمود شعب بأكمله وذلك من خلال رواياته وقصصه ومقالاته، وجعلت من سجنه منصة لإيصال رسالة نضال تُلهِمُ الأجيالَ القادمة.
المصادر:
كُتب المقال ضمن تحدي رديف؛ تعرّف على رديف أكثر بالضغط هنا: أهلًا صديقنا المهتم/المهتمة بالاشتراك في رديف 👋
رأي واحد حول “من وراءِ القضبان: باسم خندجقي يقاوم الاحتلال بقلمه”